مراجعة: Death Stranding

وأخيراً وبعد وقت طال إنتظاره!
تأتينا أول لعبة من تطوير استديو Kojima Productions الذي تم تأسيسه من قِبل Hideo Kojima الذي قدّم لنا سلسلة Metal Gear Solid الغنية عن التعريف ولكن هذه المرة يأتينا السيد كوجيما بعنوان جديد بأسلوب مختلف عن العادة في لعبة Death Stranding المدعومة ومنشورة من قِبل استديوهات سوني العالمية حصرياً على الـPlayStation 4 وقادمة لاحقاً في عام 2020 على الحاسب الشخصي.
لعبة Death Stranding من أكثر الألعاب إنتظاراً من قِبل اللاعبين في هذا الجيل، كيف لا وهي من صُنع من قدّم لنا سلسلة Metal Gear Solid التي بسببها وُجدت ألعاب التخفي ومن بعدها وأصبحت السلسلة معيار لألعاب التخفي مع قصتها العظيمة ورحلتها التي لا يمكن نسيانها، فكيف كانت لعبة Death Stranding وماقدمته من أفكار جديدة لم يسبق أن رأيناها من قبل؟

القصة:-
حصلت عدة إنفجارات مدوية قامت بزعزعة أمان الكرة الأرضية والبشرية بشكل عام تحت مجموعة من الخوارق الطبيعية تسمى بجنوح الموت أو Death Stranding جلبت معها الدمار والموت لسكان الأرض وبسببها ظهرت مخلوقات تدعى بأطياف البرزخ الذين يتجولون في عالم الأحياء أثناء الأمطار الزمنية والتي بدورها تقدّم عمر أي شيء أو أي مخلوق يلامس مياه هذه الأمطار!
عانى البشر من هذه الظواهر لعدة سنوات حتى جاء بعد ذلك شخص يدعى سام بورتر بريدج الذي يعمل في شركة Bridges للتوصيل يحاول جاهداً إعادة توحيد أمريكا وإستعادة ما فقدته البشرية بسبب الخوارق الطبيعية وأصبح الجنس البشري على عاتق سام لإنقاذه من الهلاك.
القصة هي أقوى عنصر في اللعبة وتتميز بالغموض والأحداث الغير متوقعة التي ستواجهك وتقوم بجذبك لها كلما تقدمت في اللعبة، وقدمت القصة بشكل عام واحدة من أفضل القصص لألعاب هذا العام إن لم تكن الأفضل.

أسلوب اللعب:-
أسلوب اللعب ينقسم لقسمين سأتحدث عنهما منفصلين:
القسم الأول هو ما تتمحور عنه اللعبة وكل ما عليك فعله هو التوصيل، وهذا هو الجانب المحبط والذي لم يوفق كوجيما به بحيث تقوم باستلام طلبية من مكان معين وتوصيلها للمكان الآخر مع تكرار العملية لساعات عديدة وبشكل ممل لا يطاق.
استمتعت في بداية اللعبة عند توصيل الطلبات بسبب التجربة الجديدة والأفكار المميزة في اللعبة ولكن لم يدم ذلك كثيراً، ستجد نفسك تقوم بتوصيل الطلبات في أول 10-15 ساعة بدون تنويع في مهامها وبدايتها البطيئة جداً في الأحداث قامت بالتأثير كذلك على ملل أسلوب اللعب والتكرار وكأنك في حلقة من توصيل الطلبات لا نهاية لها.
التضاريس المتنوعة في عالم اللعبة والصخور والجبال والأنهار كل هذه هي التحدي الأول أمامك في توصيل الطلبات وستحصل كلما تقدمت في اللعبة على أدوات جديدة ووسائل نقل جديدة تسهل لك عملية التوصيل والتنقل بين المناطق، على سبيل المثال: الدراجة النارية التي تعتبر أهم مساعدة لك في اللعبة ويُنصح بالإهتمام بها وعدم التفريط بالدراجة النارية لأنك في أول حلقتين من اللعبة لا توجد سوى دراجة نارية واحدة فقط.
القسم الثاني الأكشن والتصويب وهو ما تمنّيت استمرارية اللعب عليه ولكن كان جزء بسيط جداً من اللعبة ولم يُعطى حقه تماماً، التصويب لم يكن جيداً بما فيه الكفاية ولكن أدى الغرض منه ولو كان التركيز على الأكشن في اللعبة أكثر من التوصيل لكانت اللعبة بكل تأكيد واحدة من أفضل الألعاب لهذه السنة.
توجد قنابل وأسلحة نارية تحصل عليها في المراحل المتقدمة من اللعبة تساعدك في قتال أطياف البرزخ والنهّابين بحيث توجد أسلحة غير مميته وهي للقتال مع النهّابين وأسلحة مميته مكونة ذخيرتها من دماء سام لمواجهة أطياف البرزخ والقضاء عليهم.

الطور التعاوني:-
الفكرة الجديدة في صناعة الألعاب والتي قدمتها لعبة Death Stranding بشكل جيد، ترابط العوالم بين جميع اللاعبين.
ترابط العوالم يعني بأنك إن استخدمت سلماً على سبيل المثال وتركته، سيستطيع لاعب آخر باستخدامه وكذلك الأمر ينطبق على العديد من الأدوات ويمكنك كذلك بناء جسر يتمكن من خلاله لاعب آخر بالعبور منه.
ومن الأفكار الرائعة كذلك توجد طريقة للتبرع بالموارد مع لاعبين آخرين في سبيل بناء طريق يسهل التنقل بشكل كبير جداً في التضاريس الوعرة وكلما تبرع اللاعبين بموارد أكثر كلما أصبح الطريق أطول وأكبر، وأثناء تجولك في عالم اللعبة سترى بعض الطلبات المفقودة من لاعبين آخرين يمكنك توصيلها في طريقك كذلك!
عند مواجهتك للزعماء من أطياف البرزخ سترى بعض المخلوقات البيضاء التي تشبه سام تقوم بمساعدتك في القتال ويحملون أسماء أشخاص آخرين مروا من هذا المكان، وتوجد العديد من الترابطات بين عوالم اللاعبين بأفكار جميلة كالتي ذكرتها.
والجدير بالذكر أن خاصية اللعب التعاوني عبر الشبكة ومساعدة اللاعبين الآخرين واستخدام أدواتهم لا يتطلب الاشتراك في البلايستيشن بلس!

مواجهة الأعداء والزعماء:-
محبطة للغاية، عند مواجهة أطياف البرزخ كل ماعليك فعله هو كتم أنفاسك والسير وإذا تم القبض عليك من قِبل أطياف البرزخ سيتم سحبك إلى مخلوق من أطياف البرزخ يمكن دعوته بالزعيم للمنطقة عند قتله ستذهب الأمطار الزمنية من المنطقة ولكن للأسف حتى هؤلاء الزعماء كان قتالهم في منتهى الإحباط والتكرار في أسلوب القتال وطريقة قتالهم وحتى في صعوبتهم.
ويوجد النهّابين الذين يريدون سرقة الشحنة التي تمتلكها وبهم ضعف شديد جداً في الذكاء الإصطناعي وفي البداية ستقوم بمواجهتهم بقتالهم بيديك أو عبر استخدام صناديق الطلبيات حتى تحصل بعد ذلك على الأسلحة الغير مميتة التي ذكرتها سابقاً.

الشخصيات:-
كنت في البداية متخوفاً من فكرة كون جميع الشخصيات الرئيسية في اللعبة هم ممثلين ومن الممكن أن الكثير منكم كذلك ولكن في لعبة Death Stranding كانت هنالك الشخصيات الجيدة والممتازة جداً والشخصيات في منتهى السوء والأداء.
العديد من الممثلين شاركوا في اللعبة وكان أداءهم في الغالب جيداً كشخصية Die-Hardman و Deadman و Higgs وغيره، ولكن شخصية Cliff من تمثيل Mads Mikkelsen هو الأبرز بعد الأداء الممتاز جداً والاستثنائي.
نأتي بعد ذلك للشخصية الأسوأ في اللعبة وهي للأسف شخصية بطل قصتنا سام بورتر بريدج من تمثيل Norman Reedus، مقومات الشخصية الناجحة في ألعاب الفيديو لا تنطبق ولا أي صفة بها مع شخصية سام، أداء سيء وحوارات اسوأ وتفاعله مع الأحداث كان في منتهى السوء وبالإضافة إلى ذلك أثناء حديثه كأنه يقرأ النص قراءةً بدون أي إحترافية، تمنيت لو أن قصة عظيمة مثل قصة Death Stranding تحمل بطلاً أفضل من شخصية سام.

المشاهد السينمائية والرسوم:-
لعبة Death Stranding تحتوي على عدد كبير من المشاهد السينمائية وتمتد لأوقات طويلة ومن الممكن أن يعتبر البعض هذا الأمر سلبية في الألعاب ولكن في لعبة Death Stranding المشاهد السينمائية تتمنى أن لا تنتهي من إبداع الإخراج وجودة الرسوم العالية وفي نفس الوقت تقوم بإخراجك من روتين توصيل الطلبات الممل.
رسوم اللعبة عالية بشكل خيالي، قمت بلعب اللعبة على جهاز الـPlayStation 4 العادي وتفاجأت بمستوى الرسوم الذي لم أراه من قبل على أي لعبة على جهاز الـPlayStation 4 أبداً.

الألبوم الموسيقي:-
الألبوم الموسيقي في منتهى الإبداع ويلامس مشاعرك ومناسب لأجواء اللعبة بشكل كبير ويتم تشغيله في بعض الأوقات أثناء تجولك في عالم اللعبة قبل وصولك لوجهتك بلحظات، كنت أتمنى لو أستطيع تشغيل أي أغنية من الألبوم في أي وقت أثناء تجولي في عالم اللعبة بدلاً من حصرها على تشغيلها فقط في غرفتي الآمنة.

الترجمة العربية:-
كالعادة تبدع سوني في تعريب ألعابها، لعبة Death Stranding مترجمة بالعربية في القوائم والنصوص ومن الرائع رؤية الترجمة العربية في الآونة الأخيرة منتشرة بشكل كبير بين الألعاب وخطوة رائعة أن ترى لعبة كبيرة مثل Death Stranding مترجمة بالعربية وبهذا المستوى الممتاز دون الإلتزام بالترجمة الحرفية بل بترجمتها بشكل احترافي وبالتأكيد هذا ما يحتاجه اللاعبين في لعبة قصتها معقدة ذات مصطلحات صعبة.

الإيجابيات:-
+ قصة ممتازة جداً مع غموض يجذبك لها وأحداث مشوق وغير متوقعة.
+ مشاهد سينمائية ممتازة وبمستوى عالي من الإخراج.
+ ألبوم موسيقي رائع وساحر جداً.
+ رسوم عالية الجودة بشكل لم يسبق أن رأيناه من قبل على جهاز الـPlayStation 4 مع رسوم بيئية غنية بالتفاصيل والجمال بمختلف التضاريس.
+ الشخصيات الرئيسية مثيرة للإهتمام مع أداء جيد إلى ممتاز بشكل عام بإستثناء سام.
+ فكرة ترابط اللاعبين ومساعدتهم لبعضهم البعض عبر الشبكة.
+ الترجمة العربية للقوائم والنصوص ممتازة وإحترافية.

السلبيات:-
– أسلوب اللعب وفكرة التركيز على التوصيل بشكل مبالغ فيه سلبت جمالية اللعبة.
– تكرار ممل في المهمات الرئيسية وبعدد كبير جداً من المهمات، وينطبق الأمر ذاته على المهمات الجانبية.
– ذكاء اصطناعي سيء للنهابين ومواجهة الأعداء بشكل عام سيئة مع قتال زعماء محبط.
– شخصية سام من اسوأ الأبطال، أداء سيء وحوارات اسوأ وتفاعله مع الأحداث كان في منتهى السوء.
– قوائم اللعبة معقدة بزيادة عن اللزوم.
– فكرة عالم اللعبة المفتوح الفارغ لم تكن موفقة.
– بداية اللعبة بطيئة بشكل فظيع وممل ومليئة بطلبات التوصيل المتكررة الواحدة تلوى الأخرى.

الخلاصة:-
لعبة Death Stranding قدمت عدة عناصر ممتازة وقصة رائعة جداً ولكن سلبيات اللعبة للأسف سلبت جمالية اللعبة ولو كانت اللعبة خطيّة دون التركيز على توصيل الطلبات لكانت اللعبة أفضل بكثير من ماهي عليه الآن.

6/10