مقدمة:-
بعد انتظار دام لسنوات طويلة، و أخيرا التفتت سكوير إينكس إلى إحدى أهم و أروع تحفها الفنية من القرن الماضي. تعود لنا لعبة تعاقب الأدوار اليابانية الكلاسيكية Chrono Cross الصادرة عام 1999 بحلّتها الجديدة، على الرغم من استياء البعض من أن تلك الالتفاتة هي عبارة عن مجرد ريماستر للعبة، حيث يتفق الكثير بأن لعبة اجتاز عمرها العشرين سنة مثل Chrono Cross تستحق أكثر من ذلك. إلا أن الريماستر الذي حصلنا عليه كان كافيًا لإنعاش مجتمع عشّاق اللعبة من جديد و إثبات وجودهم، و لعل ذلك يثبت للشركة بأن القاعدة الجماهيرية للعبة لم تمت، بل على العكس من ذلك، أعطت إعادة إصدار اللعبة الفرصة المثالية لمن لم يجربها، و أثبت بأن عنوان Chrono Cross يستحق المزيد.
و بالتأكيد، يستحق أكثر من هذا الريماستر الذي حصلنا عليه.
القصة و عالم اللعبة:-
من وجهة نظري، Chrono Cross هي إحدى الألعاب التي سأحرص عندما أنصح بها غيري بأن يجهل تمامًا أي تفاصيل متعلقة بقصتها. و لهذا السبب، لن أناقش قصة اللعبة و أحداثها بشكل مباشر، بل سأكتفي بالحديث عن هيكلتها و تأثيرها على اللعبة.
الجو العام لعالم اللعبة يتمثل جليًّا في بيئاتها، من شواطئ و بحار و أدغال و قرى ساحلية.
بالنسبة للعبة أكملت أكثر من عقدين من عمرها، فهو أمر مذهل كيف أن رسومها و خلفياتها لا زالت قمة في سطوعها و حيويتها. حيث أنها تظهر بشكل واضح بيئاتها التي تتسم بإبراز تضاريس مائية و ساحلية جميلة تحمل معها طابع خاص، ربما ليست الوحيد من نوعها، و لكنها بالتأكيد ساحرة و أخّاذة، و من الطبيعي أن تجد نفسك مندمجًا بسهولة مع هذا العالم.
خاصًة بأن التجول في هذا العالم مصطحب بألبوم موسيقي أقل ما يقال عنه أنه رائع، و يثبت بالذهن لفترات طويلة.
و كل هذا مدعّم بتأثير قصة اللعبة، فالقصة لها طعمها الخاص و تأثيرها المرتبط بذكرى ذلك العالم و بيئاته. Chrono Cross تجيد بشكل كبير التوفيق بين أحداث قصتها و تأثير ذلك على عالمها. و ذلك يتمثل بوضوح بأهم ميكانيكية في اللعبة، و هو الانتقال بين العوالم.
فكان من الرائع مراقبة أبسط الفروقات بين مناطق معينة في عالم ما، و قرائنها في العالم الآخر، و بالطبع ذات الأمر ينطبق على الشخصيات.

فالشخصيات ذاتها موجودة في العالمين و لكن بأساليب حياة مختلفة، فشخصية ما في عالم اللعبة، سترى بأن لنسختها في العالم الموازي حوارات جديدة و مصير مختلف و حياة جديدة باحتمالات مختلفة، و كل ذلك نتيجة أحداث حصلت في العالم الأول و لم تحصل في العالم الآخر، و أيضا ذلك ينطبق على بطل القصة.
إلى هنا سأكتفي بالحديث عن أي تفاصيل أخرى متعلقة بالقصة تجنّبًا للحرق. فكما ذكرت، قصة هذه اللعبة هو شيء خاص يجب تجربته دون معرفة سابقة بتفاصيل كثيرة.
أما بالنسبة لما يقدمه الريماستر لقصة اللعبة و عالمها، فعلى صعيد مظهر اللعبة، هناك تحسينات ملحوظة بخلفيات اللعبة و رسمها و كذلك تفاصيل وجوه الشخصيات (Textures)، و هذا رفع جودة مظهرها بعض الشيء و لكن الأهم هو أنه حافظ على بريقها الأصلي، و أثبت لنا بأن مظهر اللعبة لم يملي عليه الزمان حتى و إن كانت لعبة قديمة المظهر بالنسبة لمعايير الوقت الحالي عند البعض.
أما بالنسبة للقصة، فهنا برأيي يكمن جوهر الريماستر و الهدف الأساسي منه، ألا و هو إضافة نسخة مترجمة باللغة الانجليزية للرواية المرئية (Visual Novel) بعنوان Radical Dreamers و هي رواية مرئية تشكّل قصة جانبية للعبة الأولى Chrono Trigger.

تتوسع الرواية المرئية أكثر في قصة Chrono Cross و شخصياتها. صدرت عام 1996 حصريةً لليابان، أي قبل Chrono Cross بثلاثة أعوام.
فبعد أكثر من عشرين عامًا، يقدم لنا الريماستر نسخة رسمية مترجمة من الرواية المرئية المنتظرة.
الأداء التقني:
سأتحدث عن الجانب التقني بكل وضوح و بلا مقدمات. فشل هذا الريماستر فشلًا ذريعًا بأداء وظيفته الوحيدة و هي كونه ريماستر.
أي أن هذه النسخة هي “نسخة محسنة” من اللعبة، فهذا يعني بأن وظيفة سكوير إينكس لا تقتصر على جلب اللعبة بمحتواها الأصلي (port) وحسب، بل أيضًا رفع مستوى الأداء التقني للعبة.
بغض النظر عن التحسينات المذكورة حول التفاصيل في الرسم و البيئات، أداء اللعبة من حيث الإطارات كان سيئًا جدًا في معظم الأحيان، أثناء التجول في عالم اللعبة و أيضًا أثناء القتالات.
بشكل تقديري قد تصل الإطارات أثناء القتال إلى 15 إطار في الثانية.
ربما لم يؤثر تدني عدد الإطارات بحد ذاته بشكل جذري على تجربتي الشخصية للعبة، و لكن ما أتوقعه من نسخة محسنة لأحد أهم عناوين الشركة هو عدم إزعاجي بالعدد الهائل من الهبوط في الإطارات كل حين. خاصةً أثناء التجول في عالم اللعبة.
فالهبوط في عدد الإطارات يتكرر كثيرًا و بشكل مفاجئ و مزعج خاصةً بعد ثبوتها لعدد من الدقائق على مستوى رفيع من الإطارات.
أي بمعنى أصح، المشكلة الأساسية في أداء اللعبة هو تخبط عدد الإطارات و عدم الثبات، و هو أمر مزعج أثّر سلبًا على التجربة، و أتعجب فعلًا كيف أن نسخة البلايستيشن 1 الصادرة عام 1999 تتمتع بذلك الثبات الذي تفتقده النسخة الصادرة في 2022.
إلى أن يصدر تحديث يصلح تلك المشاكل، فمميزات الريماستر القيّمة هي النسخة المترجمة من الرواية المرئية، و بالطبع توفر اللعبة على أجهزة و منصات في متناول الجميع.
أسلوب اللعب:-
يمكنك استقطاب عدد هائل جدًا من أفراد البارتي و انضمامهم لك في المواجهات، سواء كانت مواجهات عشوائية مع وحوش صغيرة في عالم اللعبة، أو قتالات مهمة مع الزعماء.
فعدد الشخصيات التي يمكنهم الانضمام للبارتي هو عدد كبير جدا لدرجة أنه من المستحيل تجنيدهم جميعًا في التختيمة الأولى من اللعبة.
و هذا يضيف إلى التوسع الكبير في أسلوب القتال، و الذي وجدته متميزًا عن أي JRPG لعبتها من فترة طويلة.
ينطبق ذلك على إلقاء الضربات العادية و السحر.
ببساطة ستقوم بإلقاء هجماتك الاعتيادية (Melee) و هذا ما يقوم برفع عدّاد السحر، ثم تستهلك ذلك العداد باستخدام السحر، و استهلاك العداد يعتمد على نوع التعويذة المستخدمة. بعدها ستعود للضرب المباشر لرفع العداد مرة أخرى.
و لكن بالطبع أسلوب القتال أعمق من هذا بكثير، و لكنه بشكل أساسي يعتمد على التبديل بين رفع عداد السحر باستخدام الهجمات الاعتيادية و من ثم استهلاك ذلك العداد.
يمكنك رفع عداد السحر بأساليب أخرى مثل الدفاع بدلًا من إلقاء أي هجمة. كما أن الهجمات الاعتيادية بذاتها تملك نسبة خاصة بها ترتفع كلما نجحت بإلقاء ضربة، و تلك النسبة تتيح لك استخدام ضربة أقوى في المرة التالية وهكذا.
السؤال الآن هو: هل ساهم الريماستر بأي تحسينات بخصوص أسلوب اللعب؟ الإجابة هي نعم، فالريماستر يضيف ما أعتبره شيء جوهري في ألعاب الJRPG و هو تسريع اللعب (Turbo mode) الذي يساعدك بشكل كبير عند إعادة قتال ما لمرات عديدة، أو إن اضطررت إلى إعادة لعب منطقة كاملة في اللعبة لسبب ما.
الإيجابيات:
إعادة إصدار لعبة كلاسيكية من روائع القرن الماضي على أجهزة الجيل الحالي و الحاسب الشخصي.
نسخة مترجمة من الرواية المرئية Radical Dreamers.
قصة رائعة بأحداثها و شخصياتها، و تأثيرها على بيئات اللعبة الساحرة.
أسلوب لعب فريد من نوعه.
إضافة خيار تسريع اللعب (Turbo mode)
السلبيات:
هبوط متكرر في الإطارات في معظم أوقات اللعب
الخلاصة:
ريماستر The Radical Dreamers هو إعادة إصدار ضعيف للعبة فريدة من نوعها، بقصة جميلة و أحداث مشوّقة و شخصيات مرحة يسهل التعلق بها، مع أسلوب لعب مميز و نادر بعض الشيء.
التقييم
9.5/10
- 0 Comment
- مراجعات
- 25 أبريل,2022