تعود لنا سلسلة ألعاب تعاقب الأدوار اليابانية العريقة Atelier بجزئها الجديد و هو الجزء الثاني من Atelier Sophie.
كعادة سلاسل الـJRPG القديمة و الممتدة منذ عشرات السنوات بألعاب متصلة ببعضها أحيانًا، لا بد من طرح السؤال المعتاد عند إصدار جزء جديد منها: هل سأحتاج للعب أي من الأجزاء السابقة للغوص في عالم الجزء الجديد؟
الإجابة في هذه الحالة هي لا. و لكن، إن وضعت بعين الاعتبار بأن هذا الجزء هو تكملة لجزء واحد سابق له، يستكمل قصته و يعطي معنى أكبر لبعض أحداثه و تطور بعض شخصياته، فبالتأكيد لعبك للجزء الأول من ثنائية Sophie سيؤثر إيجابًا على تفاعلك مع العناصر السردية في Sophie 2.
أما في حال أنك لم تكترث للعودة إلى الجزء الأول، و تود بخوض مغامرتك مع أحدث أجزاء السلسلة؛ فلا داعي للقلق، حيث أن اللعبة تعطي ملخصًا جيّدًا لأحداث الجزء الأول و أهم شخصياته، كما أن تقديم الجزء الثاني لا يشعرك بأي نقص من تلك الناحية، فأنت هنا بمغامرة قصصية جديدة، مع القليل من السرد السريع حول حبكة و شخصيات الجزء الأول الذي يقدمه لك الجزء الثاني عند بدئك له، يمكنك الاستمتاع بهذا الجزء مباشرةً.

تقديم اللعبة:
مما اشتهرت به سلسلة ألعاب Atelier هو توظيف ميكانيكيات اللعب في السرد القصصي. فعلى سبيل المثال، يحكي الجزء الأول من Sophie عن قصة بطلتنا Sophie و رحلتها لإتقان مهارة مزج العناصر الكيميائية (Alchemy)، و خلال رحلتها تدور الأحداث حول محاولة Sophie لملء كتاب له القدرة على التحدث و التواصل مع البشر بالعديد من الوصفات الكيميائية لكي يستعيد ذاكرته، هنا تحسن اللعبة توظيف ميكانيكية السلسلة الشهيرة، و هي مزج عناصر الكيمياء المختلفة للحصول على ما تحتاجه من أدوات و موارد تساعدك على خوض رحلتك.
الجزء الثاني لم يختلف عن هذا بشكل كبير، فهو يوظّف تلك النقطة القصصية بشكل جيد في أسلوب اللعب، و لا تشعرك اللعبة بأنها تتعذر لوضع تلك الميكانيكية لكي تخدم غايات قصصية معينة، بل على العكس تمامًا. خلال وقتي مع اللعبة شعرت بمدى إتقانها في مزج أهم نقاط قصتها مع أسلوب اللعب بشكل يشعرك بأن القصة و أسلوب اللعب يكمّلا بعضهما البعض.
سأتحدث لاحقًا عن ميكانيكية مزج عناصر الكيمياء بتفصيل أكبر، و سأترك ما تبقى من هذه الفقرة للتطرق أكثر لتقديم باقي عناصر اللعبة.
مما أثار إعجابي في هذا الجزء هو حسن تقديم عناصره ببساطة تامّة، لن تضيع اللعبة وقتك بالحديث الزائد عن شخصيات لم تكترثَ لها بعد، فمن ناحية القصة و الشخصيات، فحتى الجدد على السلسلة سيشعرون ببساطة عالمها و سلاسة تقديمه لهم بكل عناصره.
ذات الأمر بنطبق أيضًا على تقديم عناصر الجيمبلاي في اللعبة، فلعبة كهذه هي مليئة بالميكانيكيات و التي سيعتبرها البعض معقدة إن كانت تفتقر للتتعريف الجيد من اللعبة عنها، و هنا تبرز مهارة المطور في جعلك تشعر بأن كل شيء بسيط، فحتى أكثر الميكانيكيات عمقًا مثل الـAlchemy لم أشعر بأي تعقيد حيالها حيث أنه لم يكن التعريف بها لكيفية إتقانها مكثّف أو ثقيل. و كانت النتيجة هي أنني تمكنت من استغلال معظم تلك الميكانيكيات و الاستمتاع بها على أكمل وجه، و جزء كبير من السبب في تلك المتعة يعود للتقديم الجيد لعناصر اللعبة و هنا لا بد من الإقرار بجهود مطور اللعبة Gust في إعطاء اللاعب انطباع أولي جيد و مبشّر خلال أول ساعتين من اللعب. كل نقطة تقدمها لك اللعبة يتم تقديمها لك بالوقت المناسب سواء كانت تعريف بميكانيكيات اللعب أو حتى تقديم شخصياتها و سرد قصصها و دوافعها. جدير بالذكر بأن اللعبة تعطيك خيار عرض التعليمات أو تخطيها لكل ميكانيكية على حدة، فستتمكن من تخطي التعليمات لأي ميكانيكية مألوفة عليك. فكما ذكرت، الساعات الأولى من اللعبة تقدّر وقتك بشكل كبير.
القصة:

استكمالًا لأحداث الجزء الأول، تبدأ القصة هنا بمغادرة Sophie لبلدتها Kirchen Bell في رحلتها مع رفقة صديقتها Plachta لاستكشاف ذاتها و تطوير مهاراتها ككيميائية (Alchemist). تفاديًا لأي حرق للأحداث الأولية للقصة، سأكتفي بهذا التقديم البسيط لها و أبدأ بالحديث عن مستواها السردي.
كما أسلفت في الفقرة السابقة، تقديم القصة يأتي برتم مناسب حيث أن كل نقطة تأتي بتوقيت يتناسب مع مجريات الأحداث الحالية، و هذا التقديم الجيد عزّز تقبلي للقصة بشكل كبير، فهي كحبكة بذاتها ليست بشيء فائق للتوقعات، و لكنها بالتأكيد تتقدم لك بأسلوب يشدك للاستمرار بها و استكمال أحداثها.
القصة تخدم أجواء اللعبة بشكل كبير، و هي أجواء يمكنني وصفها بأنها ‘هادئة’، أي أن اللعبة بقصتها و شخصياتها ممتعة من باب الاسترخاء، فلا تتوقع قصة ذات معانٍ عميقة أو أحداث بتفرعات و تشابكات درامية حماسية، فحتى لو كانت كذلك فهي لن تناسب أجواء اللعبة و طابعها
حسنًا، إن وضعنا كل ذلك بعين الاعتبار، فماذا عن مستوى تلك القصة؟
على الرغم من بساطتها، إلا أنني وجدتها قصة جيدة جدًا و ممتعة بشكل كبير. فكما ذكرت، هناك عناصر تحببك بقصة كهذه مثل تقديمها و مزجها مع أسلوب اللعب و كذلك كونها قصة تخدم طابع اللعبة و عالمها.
و لكن بالطبع لم تخلو من بعض العيوب، مثل ضعف كتابة بعض الشخصيات الجانبية، و التي بكل صراحة أشعرتني ببعض الملل أحيانًا، و ذلك بسبب أن تلك الشخصيات تقضي معك وقت ليس بهيّن.
و لكن على النقيض، فالبعض الآخر من الشخصيات الجانبية كان له الفضل بإنقاذ العديد من ساعات اللعب من الوقوع في ذات المشكلة. و من وجهة نظري، كانت لتلك الشخصيات أثر أكبر يكاد يطغى على ضعف كتابة بعض الشخصيات الأخرى.
و لا بد أن أذكر بأن طباع تلك الشخصيات يتماشى مع طبيعة قصتها، أي أنها بمعنى أصح، شخصيات – و هي في أغلب الأحيان أنثوية – ذات طابع لطيف، و ذلك بالطبع يشمل بطلة اللعبة. يبرز ذلك الجانب من الشخصيات بكثرة خلال حواراتها و ردات أفعالها تجاه أحداث القصة.
عادةً لا يروق لي هذا النوع من الشخصيات و ذلك يعود لتفضيلات شخصية، و بالأخص إذا كانت تلك الشخصيات ستلازمك عشرات الساعات خلال رحلتك مع اللعبة. لن أدّعي بأن الوضع هنا مختلف أو أنها حالة شاذّة، و لكن، إذا كانت تلك الشخصيات تبرز طباعها ‘اللطيفة’ بشكل متقن و لا تشعرك بالتصنع أو الثقل، فهنا لن أهتم إن كانت ذات نمط معين لا يتناسب معي أو غير ذلك.
فالشخصية الجيدة جيدة، لن يؤثر القالب التي وضعت به بناء على صفاتها و طابعها على نظرتي لجودة كتابتها و حسن تأثيرها على القصة، حتى و إن كانت شخصية نمطية منتشرة في الكثير من الألعاب اليابانية و الأنميات.

بمعنى آخر، رأيت بأن هذا الجانب من الشخصيات انعكس إيجابًا بشكل ملحوظ على كتابة الشخصيات، و ما رأيته في البداية مجرد طابع نمطي مزعج و مكرر، أصبح مع الوقت نقطة إيجابية مؤثرة بشكل كبير، بل و كانت السبب في تعلقي ببعض شخصيات اللعبة.
أسلوب اللعب

سأتحدث عن نظام القتال للعبة و باقي جوانب أسلوب اللعب لاحقًا. أما الآن، حان الوقت للحديث عن جوهر اللعبة و الذي سيجعل من هذه اللعبة إحدى أمتع ألعاب الـJRPG لهذا العام، ألا و هو الـAlchemy.
ستستعين بمهاراتك لمزج العناصر الكيميائية لصنع مركّبات و موارد تعينك على معظم احتياجاتك في القتال من Items و أسلحة و أدوات و غيرها.
و لكن في كثير من الأحيان لم أقم بمزج العناصر و صنع الأغراض لاحتياجي لها، بل لكونها ميكانيكية قمة في المتعة، فهي ليست مجرد mini-game تتراود عليها بين حين و آخر، يمكنني وصفها بأنها لعبة استراتيجية مبسطة تشبه Tetris، بسيطة جدًا و مطورة بشكل ملحوظ عن نسختها من الجزء السابق. و لكن على الرغم من بساطتها إلا أنها تتطلب بعض التفكير، و لا يمكنك تجاوزها في كل مرة بتسرّع، فهناك درجات من الإتقان تعتمد على تحقيقك لشروط معينة، تلك الشروط هي ما جعلت من هذه اللعبة المبسطة ميكانيكية مسلية بشكل كبير، حيث أن تحقيق تلك الشروط مثل وضع بعض العناصر الكيميائية بوضعيات معينة، يعود عليك بالمكافأة إن أتقنتها، و بالطبع درجات الإتقان تلك تقابلها مستويات من المكافأة.
أيضا يمكنك استقبال المهمات الجانبية و تنفيذها، بالتأكيد هي عنصر مهم من أسلوب اللعب و كانت ممتعة بعض الأحيان، إلا أن الملل يطغى على كثير منها. لم يؤثر ذلك بشكل كبير على تجربتي حيث أنني لم أضطر للقيام بها و لكن بالتأكيد كان لها تأثير نسبي إلى حد ما.
و بعض تلك المهمات الجانبية كانت ممتعة بكونها تعزز استكشاف عالم اللعبة و مكافآتها الخاصة تشعرك بالاحتياج للمزيد، إلا أن ذلك المزيد لن يكون ممتع دائمًا.
عالم اللعبة

تمتاز اللعبة ببيئات حيوية ذات توجه فني جميل و ألوان نابضة بالحياة، تبرز تلك البيئات بحيويتها خلال استكشافك لعالم اللعبة و جمع الأغراض.
و لكن ما ميّز بيئات اللعبة هنا هو تفاعلك معها بشكل كبير، حيث تتيح لك اللعبة تغيير أحوال الطقس في بعض المناطق.
هناك أيضا المدينة التي تعج بالسكان، و هي من أكثر المناطق في اللعبة التي تشعرك بحيوية عالمها و جمالها.

أيضًا مما ساهم في متعة التجول في عالم اللعبة هو الألبوم الموسيقي الرائع، في كل نشاط تقوم به ستصاحبك موسيقى محيطية هادئة و جميلة، كنت في بعض الأحيان أتوقف في عالم اللعبة للسماع لها، فهي ليست فقط جيدة بل ملائمة لأي نشاط تصطحبه، سواء كان الاستكشاف أو التجول في المدينة أو ممارسة صنع الأدوات من الـAlchemy.
الخلاصة:
لعبة Atelier Sophie 2 هي من مفاجآت تصنيف ألعاب تعاقب الأدوار لهذا العام. رحلة جميلة و هادئة مع أسلوب لعب ممتع بالإضافة إلى وجود لعبة مصغّرة كان لها النصيب الأكبر من متعة اللعبة.
الإيجابيات:
+ قديم ممتاز لجميع عناصر اللعبة.
+ قصة ممتعة و هادئة بعض الشيء، مع شخصيات لطيفة تحببك بعالم اللعبة.
+ حسن توظيف عناصر القصة مع أسلوب اللعب.
مزج عناصر الكيمياء mini-game + ممتع بشكل كبير
+ ألبوم موسيقي هادئ و رائع.
السلبيات:
-ضعف كتابة بعض الشخصيات الجانبية.
-ملل في بعض المهمات الجانبية.
التقييم:
9/10
- 0 Comment
- مراجعات
- 6 مارس,2022